قوله تعالى: {قل إنما حرَّم ربي الفواحش} قرأ حمزة: {ربيْ الفواحشَ} باسكان الياء. ما ظهر منها وما بطن. فيه ستة أقوال.أحدها: أن المراد بها الزنا، ما ظهر منه: علانيته، وما بطن: سرُّه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير.والثاني: أن ما ظهر: نكاح الأمهات، وما بطن: الزنا، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال علي بن الحسين.والثالث: أن ما ظهر: نكاح الأبناء نساء الآباء، والجمع بين الأختين، وأن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها، وما بطن: الزنا، روي عن ابن عباس أيضا.والرابع: أن ما ظهر: الزنا، وما بطن: العزل، قاله شريح.والخامس: أن ما ظهر: طواف الجاهلية عراة، وما بطن: الزنا، قاله مجاهد.والسادس: أنه عامٌّ في جميع المعاصي. ثم في {ما ظهر منها وما بطن} قولان:أحدهما: أن الظاهر: العلانية، والباطن: السر، قاله أبو سليمان الدمشقي.والثاني: أن ما ظهر: أفعال الجوارح، والباطن: اعتقاد القلوب، قاله الماوردي. وفي الإثم ثلاثة أقوال.أحدها: أنه الذنب الذي لا يوجب الحدَّ، قاله ابن عباس، والضحاك، والفرَّاء.والثاني: المعاصي كلها، قاله مجاهد.والثالث: أنه الخمر، قاله الحسن، وعطاء. قال ابن الانباري: أنشدنا رجل في مجلس ثعلب بحضرته، وزعم أن أبا عبيدة أنشده:نَشْرَبُ الإثْمَ بالصُّواع جِهَاراً *** وَنَرى المُتْكَ بيننا مُسْتَعَاراًفقال أبو العباس: لا أعرفه، ولا أعرف الإثم: الخمر، في كلام العرب. وأنشدنا رجل آخر:شَرِبْتُ الإثْمَ حَتَّى ضَلَّ عَقْلِي *** كَذَاكَ الإثْمُ تَذْهَبُ بالعُقُولِقال أبو بكر: وما هذا البيت معروفاً أيضا في شعر من يحتج بشعره، وما رأيت أحدا من أصحاب الغريب أدخل الإثم في أسماء الخمر، ولا سمَّتها العرب بذلك في جاهلية ولا إسلام.فان قيل: إن الخمر تدخل تحت الإثم، فصواب، لا لأنه اسم لها.فان قيل: كيف فصل: الإثم عن الفواحش، وفي كل الفواحش إثم؟ فالجواب: أن كل فاحشة إثم، وليس كل إثم فاحشة، فكان الإثم كل فعل مذموم؛ والفاحشة: العظيمة. فأما البغي: فقال الفراء: هو الاستطالة على الناس.قوله تعالى: {وأن تشركوا} قال الزجاج: موضع {أن} نصب؛ فالمعنى: حرَّم الفواحش، وحرَّم الشرك، والسلطان: الحجة.قوله تعالى: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} عام في تحريم القول في الدِّين من غير يقين.